الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله: ويجب مهر المثل في الشغار)؛ لأنه سمى ما لا يصح صداقا فيصح العقد ويجب مهر المثل كما إذا سمى خمرا أو خنزيرا والشغار في اللغة الخلو يقال شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول وبلدة شاغرة إذا كانت خالية من السلطان، وأما في الاصطلاح فتزويجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته ليكون أحد العقدين عوضا عن الآخر سواء كانت المولية بنتا أو أختا أو أمة سمي به لخلوه عن المهر، وإنما قيدنا بأن يكون أحدهما صداقا عن الآخر؛ لأنه لو لم يكن كذلك بأن قال زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك ولم يزد عليه فقبل الآخر فإنه لا يكون شغارا اصطلاحا وإن كان الحكم وجوب مهر المثل، وكذا لو قال أحدهما على أن يكون بضع بنتي صداقا لبنتك ولم يقبل الآخر بل زوجه بنته ولم يجعلها صداقا فليس بشغار وإن وجب مهر المثل حتى كان العقد صحيحا اتفاقا، وأما حديث الكتب الستة مرفوعا من «النهي عن نكاح الشغار» فقد قلنا به؛ لأنه إنما نهي عنه لخلوه عن المهر، وقد أوجبنا فيه مهر المثل فلم يبق شغارا قيد بالشغار؛ لأنه لو زوج ابنته من رجل على مهر مسمى على أن يزوجه الآخر ابنته على مهر مسمى فإن زوجه فلكل واحد منهما ما سمي لها من المهر وإن لم يزوجه الآخر كان للمزوجة تمام مهر مثلها؛ لأن رضاها بدون مهر المثل باعتبار منفعة مشروطة لأبيها كذا في المبسوط. (قوله: وخدمة زوج حر للأمهار) أي يجب مهر المثل إذا تزوج حر امرأة وجعل خدمته لها سنة مثلا صداقها وقال محمد لها قيمة خدمته سنة؛ لأن المسمى مال إلا أنه عجز عن التسليم لمكان المناقضة فصار كالمتزوج على عبد الغير ولهما أن الخدمة ليست بمال لما فيه من قلب الموضوع إذ لا تستحق فيه بحال فصار كتسمية الخمر والخنزير، وهذا؛ لأن تقومه بالعقد للضرورة فإذا لم يجب تسليمه بالعقد لم يظهر تقومه فيبقى الحكم على الأصل وهو مهر المثل أطلق في الخدمة فشمل رعي غنمها وزراعة أرضها وهي رواية الأصل كما في الخانية، وذكر في المبسوط فيه روايتين، وذكر في المعراج أن الأصح رواية الأصل وهو وجوب مهر المثل لكن يشكل عليه أنهم لم يجعلوا رعي الغنم والزراعة خدمة في مسألة استئجار الابن أباه، فقالوا لو استأجر أباه للخدمة لا يجوز ولو استأجره للرعي والزراعة يصح فمقتضاه ترجيح الصحة في جعله صداقا وكون الأوجه الصحة لقص الله تعالى قصة شعيب وموسى من غير بيان نفيه في شرعنا إنما يلزم لو كانت الغنم ملك البنت دون شعيب وهو منتف وقيد بخدمة الزوج؛ لأنه لو تزوجها على خدمة حر آخر فالصحيح صحته وترجع على الزوج بقيمة خدمته كما في المحيط وهذا يشير إلى أنه لا يخدمها فإما؛ لأنه أجنبي فلا يؤمن الانكشاف عليها مع مخالطته للخدمة وإما أن يكون مراده إذا كان بغير أمر ذلك الحر ولم يجزه وظاهر ما في الهداية أنه إذا وقع برضاه يجب عليه تسليم خدمته كما لو تزوج على عبد الغير برضا مولاه حيث يجب على المولى تسليمه وقيد بالحر لما سيأتي صريحا وقيد بالخدمة؛ لأنه لو تزوجها على منافع سائر الأعيان من سكنى داره وخدمة عبده وركوب دابته والحمل عليها وزراعة أرضه ونحو ذلك من منافع الأعيان مدة معلومة صحت التسمية؛ لأن هذه المنافع أموال أو ألحقت بالأموال شرعا في سائر العقود لمكان الحاجة والحاجة في النكاح متحققة وإمكان الدفع بالتسليم ثابت بتسليم محالها إذ ليس فيه استخدام المرأة زوجها فجعلت أموالا وألحقت بالأعيان فصحت تسميتها، كذا في البدائع والمراد بزراعة أرضه أن تزرع أرضه ببذرها وليس له شيء من الخارج، وأما إذا شرط له شيء من الخارج فإن التسمية تفسد قال في المجمع من كتاب المزارعة ولو تزوج على أن تزرع هي أرضه بالنصف ببذرها صح وفسدت فيجعل مهرها نصف أجر مثل الأرض وربعه إن طلقها قبل الدخول وأوجب مهر المثل لا يزاد على أجر مثل الأرض والمتعة في الطلاق قبله وإن كان هو العامل في أرضها ببذرها يجعل مهرها نصف أجر مثل عمله لا مهر المثل أو على أن تزرع هي ببذره أو هو أرضها ببذره وجب مهر المثل ا هـ. وقد وقع في شرحه هنا لابن الملك خلل في التوجيه فاجتنبه وفي الخانية ولو تزوج امرأة على جارية على أن له خدمتها ما عاش أو ما في بطنها له كانت الجارية وخدمتها وما في بطنها للمرأة إن كان مهر مثلها مثل قيمة الخادم أو أكثر وإن كان مهر مثلها أقل من قيمة الخادم كان لها مهر المثل إلا أن يسلم الزوج الخادم إليها باختياره. (قوله: وتعليم القرآن) أي يجب مهر المثل إذا جعل الصداق تعليم القرآن؛ لأن المشروع إنما هو الابتغاء بالمال والتعليم ليس بمال، وكذا المنافع على أصلنا ولأن التعليم عبادة فلا يصلح أن يكون صداقا ولأن قوله تعالى: {فنصف ما فرضتم} يدل على أنه لا بد أن يكون المفروض مما له نصف حتى يمكنه أن يرجع عليها بنصفه إذا طلقها قبل الدخول بعد القبض ولا يمكن ذلك في التعليم، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «زوجتكها بما معك من القرآن» فليست الباء متعينة للعوض لجواز أن تكون للسببية أو للتعليل أي لأجل أنك من أهل القرآن أو المراد ببركة ما معك منه فلا يصلح دليلا وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الإجارات أن الفتوى اليوم على جواز الاستئجار لتعليم القرآن والفقه فينبغي أن يصح تسميته مهرا؛ لأن ما جاز أخذ الأجر في مقابلته من المنافع جاز تسميته صداقا كما قدمنا نقله عن البدائع ولهذا ذكر في فتح القدير هنا أنه لما جوز الشافعي أخذ الأجر على تعليم القرآن صحح تسميته صداقا فكذا نقول يلزم المفتي به صحة تسميته صداقا ولم أر أحدا تعرض له والله الموفق للصواب. وأشار المصنف إلى أنه لو أعتق أمة وجعل عتقها صداقها فإن التسمية لا تصح؛ لأن العتق ليس بمال فإن تزوجته فلها مهر المثل وإن أبت لا تجبر وعليها قيمتها للمولى، وكذا أم الولد لكن لا قيمة عليها له عند إبائها ولو قالت لعبدها أعتقتك على أن تتزوجني بألف فقبل عتق وعليه قيمته لها إن أبى أن يتزوجها وإلا قسم الألف على قيمة نفسه وعلى مهر مثلها فما أصاب الرقبة فهو قيمته وما أصاب المهر فهو مهرها يتنصف بالطلاق قبل الدخول. وأشار المصنف إلى أنه لو تزوجها على أن يحج بها وجب مهر المثل لكن فرق في الخانية بين أن يتزوجها على أن يحج بها وبين أن يتزوجها على حجة فأوجب في الأول مهر المثل وفي الثاني قيمة حجة وسط. (قوله: ولها خدمته لو عبدا) يعني لو تزوج عبد حرة على خدمته لها سنة بإذن مولاه صحت التسمية ويخدمها سنة؛ لأنه لما خدمها بإذن المولى صار كأنه يخدم مولاه حقيقة ولأن خدمة العبد لزوجته ليست بحرام إذ ليس له شرف الحرية ولهذا سلبت عنه عامة الكرامات الثابتة للأحرار فكذا هذا كذا في غاية البيان وصرح الولوالجي في فتاواه بأن استخدام الزوج لا يجوز لما فيه من الاستهانة وصرح قاضي خان في شرح الجامع الصغير بأن خدمة الزوج لها حرام؛ لأنها توجب الإهانة ا هـ. وفي البدائع إن استخدام الحرة زوجها الحر حرام لكونه استهانة وإذلالا ا هـ. وحاصله أنه يحرم عليها الاستخدام ويحرم عليه الخدمة لها وظاهر المختصر أن المرأة حرة؛ لأنه جعل الخدمة لها، وأما لو تزوج عبد أمة على خدمته سنة لمولاها فإنه صحيح بالأولى ويخدم المولى وينبغي أنه لو تزوجها على أن يخدمها أن لا تصح التسمية أصلا ولم أرهما صريحا. (قوله: ولو قبضت ألف المهر ووهبته له فطلقها قبل الوطء رجع عليها بالنصف)؛ لأنه لم يصل إليه بالهبة عين ما يستوجبه؛ لأن الدراهم والدنانير لا يتعينان في العقود والفسوخ، ولذا لو سمى لها دراهم، وأشار إليها له أن يحبسها ويدفع مثلها جنسا ونوعا، وقدرا وصفة كذا في البدائع ولا يلزمها رد عين ما أخذت بالطلاق قبل الدخول، ولذا قال الولوالجي في فتاويه من باب الزكاة ولو تزوج رجل امرأة على ألف درهم وقبضت وحال الحول ثم طلقها قبل الدخول بها زكت الألف كلها؛ لأنه وجب في ذمتها مثل نفس المقبوض لا عين المقبوض والدين بعد الحول لا يسقط الواجب ولو كانت سائمة غير الأثمان زكت نصفها؛ لأنه استحق نصفها من غير اختيارها فصار كالهلاك ولا يزكي الزوج شيئا؛ لأن ملك الزوج الآن عاد في النصف ا هـ. وأشار المصنف إلى أن حكم المكيل والموزون إذا لم يكن معينا حكم النقد لعدم التعيين، وأما المعين منه فكالعرض وفي البدائع وإن كان تبرا أو نقرة ذهبا أو فضة فهو كالعرض في رواية فيجبر على تسليم العين وفي رواية كالمضروب فلا يجبر. (قوله: فإن لم تقبض الألف أو قبضت النصف ووهبت الألف أو وهبت العرض المهر قبل القبض أو بعده فطلقت قبل الوطء لم يرجع عليها بشيء) بيان لمفهوم المسألة المتقدمة وهي ثلاث مسائل الأولى إذا لم تقبض شيئا من المهر ثم وهبته كله له ثم طلقها قبل الدخول فإنه لا رجوع له عليها بشيء وفي القياس يرجع عليها بنصف الصداق وهو قول زفر؛ لأنه سلم له بالإبراء فلا تبرأ عما يستحقه بالطلاق، ووجه الاستحسان أنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول وهو براءة ذمته عن نصف المهر ولا يبالى باختلاف السبب عند حصول المقصود وله نظائر منها ما في معراج الدراية الغاصب إذا وهب المغصوب للمغصوب منه ومثله ما إذا قال إنك غصبت مني ألف درهم، فقال المدعى عليه بل استقرضتها ا هـ. وتمامه في التلخيص ومنها ما إذا باع بيعا فاسدا وقبض المشتري المبيع ثم وهبه للبائع لا يضمن قيمته لحصول المقصود بخلاف ما لو وصل المبيع إليه من جهة غير المشتري حيث لا يبرأ من الضمان؛ لأنه لم يصل إليه من الجهة المستحقة ومنها ما إذا اشترى جارية بعبد ثم وهب الجارية من مشتري العبد ثم استحق العبد من يده فإنه لا يرجع على المشتري للجارية بقيمتها استحسانا ومنها مريض وهب جارية من إنسان لا مال له غيرها وسلم الجارية إليه ثم وهب الموهوب له الجارية من المريض ثم مات من مرضه فإنه لا يضمن الموهوب له قيمة ثلثي الجارية للورثة استحسانا بخلاف ما لو وهب المريض لأحد بنيه عبدا ثم وهبه الأخ لأخيه ثم مات الأب فإنه يرجع على أخيه الواهب بنصف قيمة العبد؛ لأنه ما وصل إليه من جهة أبيه ومنها المرتهن إذا أبرأ الراهن عن الدين ثم هلك الرهن في يد المرتهن لا يضمن ومنها المسلم إليه إذا وهب رأس المال وهو عرض من رب السلم ثم تقايلا السلم لا يغرم المسلم إليه شيئا استحسانا ويلزمه قيمته قياسا وهو قول زفر كذا في المحيط ويرد على هذا الأصل أعني أنه لا اعتبار لاختلاف السبب إذا حصل المقصود ما ذكره في التبيين من باب التحالف لو قال بعتني هذه الجارية فأنكر، فقال ما بعتكها، وإنما زوجتكها فإنه لا يجوز له أن يطأها لاختلاف الحكم فإن حكم ملك اليمين خلاف حكم الزوجية ا هـ. إلا أن يقال إنه ليس من قبيل حصول المقصود؛ لأن المقصود منهما مختلف وينبغي أن يكون داخلا تحت الأصل المذكور ما إذا أقر له بألف من ثمن متاع، فقال المقر له هي غصب قال الزيلعي من باب التحالف أنه يؤمر بالدفع إليه لاتحاد الحكم وفي تلخيص الجامع من باب الإقرار بما يكون قصاصا قال أودعتني هذه الألف، فقال بل لي ألف قرض فقد رد؛ لأن العين غير الدين إلا أن يتصادقا؛ لأن المقر كالمبتدئ ولو قال أقرضتكها أخذ الألف؛ لأن التكاذب في الزوال ولو قال غصبتك أخذ ألفا؛ لأن موجبه الضمان فاتفقا على الدين واختلفا في الجهة فلغت، وكذا لو أقر بالقرض وهو ادعى الثمن ا هـ. وفي المعراج فإن قيل يلزم على هذا ما إذا اشترى عبدا بألف ثم حط البائع عشر الثمن ثم وجد به عيبا بنقص عشر الثمن حيث يرجع بنقصان العيب وإن حصل له هذا بالحط قلنا موجب العيب سقوط بعض الثمن، وهذا لا يحصل له بالحط؛ لأن المحطوط خرج عن كونه ثمنا ا هـ. المسألة الثانية: ما إذا قبضت النصف ثم وهبت الكل المقبوض وغيره ثم طلقها قبل الدخول بها فإنه لا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء عند أبي حنيفة وقالا يرجع عليها بنصف ما قبضت اعتبارا للبعض بالكل؛ لأن الحط يلتحق بأصل العقد وله أن مقصوده سلامة النصف بالطلاق، وقد حصل والحط لا يلتحق بأصل العقد في النكاح كالزيادة، ولذا لا تتنصف الزيادة مع الأصل اتفاقا هكذا في الهداية وغاية البيان والتبيين وكثير من الكتب واستشكله في فتح القدير بأن التحاق الزيادة بأصل العقد هو الدافع لقول المانعين لها لو صحت كان ملكه عوضا عن ملكه فإذا لم تلتحق بقي إبطالهم بلا جواب فالحق أنها تلتحق كما يعطيه كلام غير واحد من المشايخ، وإنما لا تتنصف؛ لأن الانتصاف خاص بالمفروض في نفس العقد حقيقة كما قدمناه ا هـ. وحاصله أنه تناقض كلامهم فصرحوا هنا بعدم الالتحاق وفي مسألة زيادة المهر بالالتحاق فرجح المحقق ما صرحوا به في المسألة السابقة وأبطل كلامهم هنا والحق أن كلامهم في الموضعين صحيح؛ لأن قولهم هناك بالالتحاق إنما هو من وجه دون وجه لتصريحهم بأنها لو حطت من المهر حتى صار الباقي أقل من عشرة فإنه لا يضر ولو التحق الحط بأصل العقد من كل وجه للزم تكميلها ولوجب مهر المثل لو حطت الكل كأنه لم يسم شيئا وقولهم هنا بعدمه إنما هو من وجه دون وجه عملا في كل موضع بما يناسبه فروعي جانب الالتحاق لتصحيح الزيادة حتى لا يكون ملكه عوضا عن ملكه للنص المفيد لصحتها كما أسلفناه وروعي جانب عدمه هنا؛ لأنه لا داعي إليه؛ لأن المقصود سلامة النصف للزوج، وقد حصل فلا ضرورة إلى القول بالالتحاق الذي هو خلاف الأصل؛ لأنه مغير للعقد، والله الموفق للصواب. وقوله ووهبت الألف عائد إلى المسألتين مع أن هبة الألف ليس بقيد في الثانية؛ لأنها لو وهبت النصف الذي في ذمته فالحكم كذلك من أنه لا رجوع له عليها عنده خلافا لهما وقيد بقبض النصف للاحتراز عما إذا قبضت أكثر من النصف ووهبت الباقي فإنها ترد عليه ما زاد على النصف عنده كما لو قبضت ستمائة ووهبت أربعمائة فإنه يرجع بمائة وعندهما يرجع بنصف المقبوض فترد ثلثمائة كما في غاية البيان ولو وهبته مائتين رجع بثلاث مائة تتميما للنصف كما في النهاية، وأما إذا قبضت أقل من النصف ووهبت الباقي فهو معلوم بالأولى فعلم أن التقييد بالنصف للاحتراز عن الأكثر لا عن الأقل وحكم المثلي الغير المعين حكم النقد هنا أيضا. المسألة الثالثة لو كان المهر عرضا فوهبته له ثم طلقها قبله فإنه لا رجوع له بشيء عليها سواء كانت الهبة قبل القبض أو بعده؛ لأنه وصل إليه عين حقه لتعينه في الفسخ كتعينه في العقد ولهذا لم يكن لكل واحد منهما دفع شيء آخر، وأشار بقوله العرض المهر إلى أنه لم يتعيب؛ لأنها لو وهبته له بعد ما تعيب بعيب فاحش ثم طلقها قبله فإنه يرجع عليها بنصف قيمة العرض يوم قبضت؛ لأنه لما تعيب فاحشا صار كأنها وهبته عينا أخرى غير المهر كما في التبيين وظاهره أن العيب اليسير كالعدم لما سيأتي أن العيب اليسير في المهر متحمل وأطلق في العرض فشمل المعين وما في الذمة بخلاف المثليات فإن ما في الذمة منها ليس حكمه كالعرض والمعين منها كالعرض وهو من خصوص النكاح فإن العرض فيه يثبت في الذمة؛ لأن المال فيه ليس بمقصود فيجري فيه التسامح بخلاف البيع وتمثيلهم هنا له بالحيوان المراد به هنا الفرس والحمار ونحوهما لا مطلق الحيوان فإن التسمية تفسد كما سيأتي وقيد بالهبة؛ لأنها لو باعت عرض الصداق من الزوج ثم طلقها قبله فإنه يرجع عليها بالنصف كذا في غاية البيان ولم يبين أنه يرجع عليها بنصف قيمته أو بنصف الثمن المدفوع والظاهر الأول وقيد بهبة المرأة للزوج؛ لأنها لو وهبت العرض لأجنبي بعد قبضه ثم وهبه الأجنبي من الزوج ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف الصداق العين والدين في ذلك سواء؛ لأنه لم يسلم له النصف من جهتها كذا في المبسوط وقيد بهبة جميع العرض؛ لأنها لو وهبت له أقل من النصف وقبضت الباقي فإنها ترد ما زاد على النصف ولو وهبت له أكثره أو النصف فلا رجوع له ومما يناسب مسألة هبة المرأة العرض المهر ما في الظهيرية لو وهبت المرأة العين الممهورة للزوج ثم استحقت فإنها ترجع عليه بقيمتها. ا هـ.؛ لأنه بالاستحقاق بطلت الهبة، وقد تزوجها على عين مملوكة لغيره، وقد ظهر لي هنا أن هذه المسألة أعني ما إذا طلقها قبل الدخول بعدما وهبته على ستين وجها؛ لأن المهر إما ذهب أو فضة أو مثلي غيرهما أو قيمي فالأول على عشرين وجها؛ لأن الموهوب إما الكل أو النصف وكل منهما إما أن يكون قبل القبض أو بعد القبض أو بعد قبض النصف أو أقل منه أو أكثر منه فهي عشرة وكل منها إما أن يكون مضروبا أو تبرا فهي عشرون والعشرة الأولى في المثلي وكل منها إما أن يكون معينا أو لا، وكذا في القيمي والأحكام مذكورة فليتأمل. (قوله: ولو نكحها بألف على أن لا يخرجها أو على أن لا يتزوج عليها أو على ألف إن أقام بها وعلى ألفين إن أخرجها فإن وفى وأقام فلها الألف وإلا فمهر المثل) بيان المسألتين الأولى ضابطها أن يسمي لها قدرا ومهر مثلها أكثر منه ويشترط منفعة لها أو لأبيها أو لذي رحم محرم منها فإن وفى بما شرط فلها المسمى؛ لأنه صلح مهرا، وقد تم رضاها به وإلا فمهر المثل؛ لأنه سمى ما لها فيه نفع فعند فواته ينعدم رضاها بالمسمى فيكمل مهر مثلها كما إذا شرط أنه لا يخرجها من البلد أو لا يتزوج عليها أو أن يكرمها ولا يكلفها الأعمال الشاقة أو أن يهدي لها هدية أو أن يطلق ضرتها أو على أن يعتق أخاها أو على أن يزوج أباها ابنته وعلله في المحيط بأنها تنتفع بما لأخيها وابنها فصارت كالمنفعة المشروطة لها ا هـ. ولا بد أن يكون بصيغة المضارع في العتق والطلاق ليكون وعدا إن وفى به فيها وإلا لا يلزمه الإعتاق والتطليق ويكمل لها مهر المثل. أما إذا شرطه بالمصدر كما إذا تزوجها على ألف وعتق أخيها أو طلاق ضرتها عتق الأخ وطلقت المرأة بنفس النكاح ولا يتوقف على أن يوقعهما وللمرأة المسمى فقط، وأما ولاء الأخ فإن قال الزوج وعتق أخيها عنها فهو لها؛ لأنها المعتقة لتقدم الملك لها ويصير العبد من جملة المهر المسمى وإن لم يقل الزوج عنها فهو المعتق والولاء له والطلاق الواقع رجعي؛ لأنه قوبل بالبضع وهو ليس بمتقوم وتقومه بالعقد لضرورة التملك فلا يعدوها فلم يظهر في حق الطلاق الواقع على الضرة فبقي طلاقا بغير بدل فكان رجعيا كما لو قال مولى المنكوحة للزوج طلقها على أن أزوجك أمتي الأخرى ففعل طلقت رجعية ولا شيء له إن لم يزوجه؛ لأن البضع عند خروجه لا قيمة له كما في المحيط قيد بكون المنفعة المشروطة لها؛ لأنه لو شرط مع المسمى منفعة لأجنبي ولم يوف فليس لها إلا المسمى؛ لأنها ليست بمنفعة مقصودة لأحد المتعاقدين كذا في المحيط ولا يخفى أن حكم ما إذا شرط مع المسمى ما يضرها كالتزوج عليها أنه ليس لها إلا المسمى مطلقا بالأولى وقيدنا بأن يكون مهر مثلها أكثر من المسمى؛ لأن المسمى لو كان مثل مهر المثل أو أكثر منه ولم يوف بما وعد فليس لها إلا المسمى كذا في غاية البيان، وأشار بما ذكره إلى أن المنفعة المشروطة لها مما يباح لها الانتفاع به؛ لأنه لو شرط لها مع المسمى ما لا يباح الانتفاع به شرعا كالخمر والخنزير فإن كان المسمى عشرة فصاعدا وجب لها وبطل الحرام ولا يكمل مهر المثل؛ لأن المسلم لا ينتفع بالحرام فلا يجب عوض بفواته كذا في غاية البيان ثم اعلم أن صاحب الهداية ذكر أن من هذه المسألة أعني مسألة شرط المنفعة مع المسمى ما إذا شرط الكرامة والهدية مع الألف فظاهره أنه إن وفى فلها المسمى وإلا فلها مهر المثل كما صرح به في غاية البيان في مسألة ما إذا ظهر أحد العبدين حرا مع أن الهدية والكرامة مجهولتان ولا يمكن الوفاء بالمجهول. والظاهر أنها ليست داخلة في هذه المسألة، وإنما التسمية فاسدة فيجب مهر المثل، ولذا قال الولوالجي في فتاويه وصاحب المحيط لو تزوجها على ألف وكرامتها أو على أن يهدي لها هدية فلها مهر مثلها لا ينقص من الألف؛ لأن الكرامة والهدية مجهولة القدر، وهذه الجهالة أكثر من جهالة مهر المثل فيصار إلى مهر المثل فإن طلقها قبل الدخول بها فلها نصف الألف؛ لأن ما زاد على الألف يثبت على اعتبار مهر المثل ومهر المثل لا يتنصف ا هـ. وقيد بكونه شرط لها منفعة ولم يشترط عليها رد شيء فلو تزوجها على ألف وعلى أن يطلق امرأته فلانة وعلى أن ترد عليه عبدا فقد بذلت البضع والعبد والزوج بذل الألف وشرط الطلاق فينقسم الألف على مهر مثلها وعلى قيمة العبد فإذا كانا سواء صار نصف الألف ثمنا للعبد ونصفها صداقا لها فإذا طلقها قبل أن يدخل بها فلها نصف ذلك وإن دخل بها نظر إن كان مهر مثلها خمسمائة أو أقل فليس لها إلا ذلك وإن كان أكثر فإن وفى بالشرط فليس لها إلا الخمسمائة وإن أبى أن يطلق فلها كمال مهر المثل وتمامه في المحيط والمبسوط، وقد علم أن وجوب مهر المثل إنما هو عند الدخول إما إن طلقها قبله فلها نصف المسمى وبطل شرط المنفعة لها، ولذا قال في المبسوط يجوز أن يصار إلى مهر المثل قبل الطلاق ولا يصار إلى المنفعة بعد الطلاق كما إذا تزوجها على ألف وكرامتها. ا هـ. وقد يقال إن هذه المسألة على وجوه ثلاثة؛ لأن الشرط إما أن يكون نافعا لها أو لأجنبي أو ضارا وكل منها إما أن يكون الوفاء حاصلا بمجرد النكاح أو متوقفا على فعل الزوج فهي ستة وكل من الستة إما أن يكون مهر المثل أكثر من المسمى أو أقل أو مساويا وكل من الثمانية عشر إما أن يكون قبل الدخول أو بعده وكل من الستة والثلاثين إما أن يباح الانتفاع بالشرط أو لا وكل من الاثنين والسبعين إما أن يشترط عليها رد شيء إليه أو لا وكل من المائة والأربعة والأربعين إما أن يحصل الوفاء بالشرط أو لا فهي مائتان وثمانية وثمانون فليتأمل الثانية حاصلها أن يسمي لها مهرا على تقدير وآخر على تقدير آخر كأن يتزوجها على ألف إن أقام بها أو أن لا يتسرى أو أن يطلق ضرتها أو إن كانت مولاة أو إن كانت أعجمية أو ثيبا وعلى ألفين إن كان أضدادها فإن وفى بالشرط أو كانت أعجمية ونحوه فلها الألف وإلا فمهر المثل لا يزاد على ألفين ولا ينقص عن الألف عند أبي حنيفة، وكذا إن قدم شرط الألفين يصح المذكور عنده فحاصله أن الشرط الأول صحيح عنده والثاني فاسد وقالا الشرطان جائزان حتى كان لها الألف إن أقام والألفان إن أخرجها وقال زفر الشرطان جميعا فاسدان وأصل المسألة في الإجارات في قوله إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم فعند الإمام اليوم للتعجيل والغد للإضافة وعندهما اليوم للتوقيت والغد للإضافة وعند زفر اليوم للتعجيل والغد للترفيه والتيسير وتمامه في المحيط من الإجارات اعلم أن قولهم هنا بصحة التسمية الأولى فقط بناء على أنها منجزة لا يتم إلا في قوله على ألف إن أقام، وأما على نحو ألف إن طلق ضرتها وعلى ألفين إن لم يطلق فعلى العكس؛ لأن المنجز الآن عدم الطلاق فينبغي فساد الأولى وصحة الثانية، وأما في نحو إن كانت مولاة فلم يعلم أيهما المنجز من المعلق وحاصل دليله هنا أن إحدى التسميتين منجزة والأخرى معلقة فلا يجتمع في الحال تسميتان فإذا أخرجها فقد اجتمعا فيفسدان، وهذا؛ لأن المعلق لا يوجد قبل شرطه والمنجز لا ينعدم بوجود المعلق فيتحقق الاجتماع عند وجود الشرط لا قبله وأورد عليه طلب الفرق بين هذا وبين ما إذا تزوجها على ألف إن كانت قبيحة وعلى ألفين إن كانت جميلة حيث يصح الشرطان اتفاقا ففرق بينهما في الغاية بأن الخطر في مسألة الكتاب دخل على التسمية الثانية؛ لأن الزوج لا يعرف هل يخرجها أو لا ولا مخاطرة في تلك المسألة؛ لأن المرأة على صفة واحدة لكن الزوج لا يعرف ذلك وجهالته لا توجب خطرا ورده في التبيين بأنه يرد عليه أنه إذا تزوجها على ألفين إن كانت حرة الأصل وعلى ألف إن كانت مولاة أو على ألفين إن كانت له امرأة وعلى ألف إن لم يكن له امرأة؛ لأنه لا مخاطرة هنا ولكن جهل الحال وارتضاه في فتح القدير ثم قال، والأولى أن تجعل مسألة القبيحة والجميلة على الخلاف فقد نص في نوادر ابن سماعة عن محمد على الخلاف فيها ا هـ. وقد أخذ هذه الرواية من المجتبى، وقد يقال في الفرق أن المرأة وإن كانت في الكل على صفة واحدة لكن الجهالة قوية في الحرية أصالة وعدمها ونحوها؛ لأنها ليست أمرا مشاهدا بل إذا وقع فيه التنازع احتاج إلى الإثبات فكان فيه مخاطرة معنى بخلاف الجمال والقبح فإنه أمر مشاهد فيها فجهالته يسيرة لزوالها بلا مشقة فنزلت منزلة العدم فلذا صحح أبو حنيفة التسميتين كما نقله الإمام الدبوسي رحمه الله وصاحب المحيط، وكذا ذكر الاتفاق الإمام الولوالجي في فتاويه وغيره وارتضاه في غاية البيان فما في نوادر ابن سماعة من الخلاف ضعيف ثم اعلم أن دليل الإمام المذكور هنا لا يشمل ما ذكره من أن طلق ضرتها ونحوه كما لا يخفى وقوله وإلا فمهر المثل عائد إلى المسألتين أي إن لم يوف بما شرط لها في المسألة الأولى ولم يقم بها في الثانية فالواجب مهر المثل لكن قد علمت أنه في الثانية لا يزاد على التسمية الثانية لرضاها بها ولا ينقص عن التسمية الأولى لرضاه بها، وأشار بوجوب مهر المثل إلى أنه لو طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى أولا سواء وفى بشرطه أو لا؛ لأن مهر المثل لا يتنصف. (قوله: ولو نكحها على هذا العبد أو على هذا الألف حكم مهر المثل) أي جعل مهر المثل حكما فيما إذا تزوجها على أحد شيئين مختلفين قيمة؛ لأن التسمية فاسدة عند أبي حنيفة وقالا لها لأقل؛ لأن المصير إلى مهر المثل لتعذر إيجاب المسمى، وقد أمكن إيجاب الأقل لتيقنه وله أن الموجب الأصلي مهر المثل إذ هو الأعدل والعدول عنه عند صحة التسمية، وقد فسدت لمكان الجهالة ورجح قولهما في التحرير بأن لزوم الموجب الأصلي عند عدم تسميته ممكنة فالخلاف مبني على أن مهر المثل أصل عنده والمسمى خلف عنه وعندهما على العكس كذا في غاية البيان معزيا إلى الجامع الكبير فما في فتح القدير من التردد في نقل ذلك عنهم لا محل له ومعنى التحكيم أن مهر المثل إن وافق أحدهما وجب وإن كان بينهما فمهر المثل وإن نقص عن الأقل فلها الأقل لرضاه به وإن زاد على الأكثر فلها الأكثر فقط لرضاها به وفي الخانية لو أعتقت المرأة أوكسهما قبل الطلاق إن كان مهر مثلها مثل الأوكس أو أقل جاز عتقها في الأوكس وإن أعتقت الأرفع وكان مهر مثلها أكثر من قيمته جاز عتقها وإن كان أقل منها لم يجز ولا يجوز عتقها في الأرفع بعد الطلاق قبل الدخول على كل حال ويجوز في الأوكس، وأشار بالتحكيم إلى اختلاف الشيئين فلو كانا سواء فلا تحكيم ولها الخيار في أخذ أيهما شاءت ولا فرق في الاختلاف بين أن يكون في القدر أو في الوصف فشمل ما إذا تزوجها على ألف حالة أو مؤجلة إلى سنة فإن كان مهر مثلها ألفا أو أكثر فلها الحالة وإلا فالمؤجلة وعندهما المؤجلة؛ لأنها الأقل وإن تزوجها على ألف حالة أو ألفين إلى سنة ومهر مثلها كالأكثر فالخيار لها وإن كان كالأقل فالخيار له وإن كان بينهما يجب مهر المثل وعندهما الخيار له لوجوب الأقل عندهما وقيدنا الشيئين بالاختلاف؛ لأنهما لو كانا سواء من حيث القيمة صحت التسمية اتفاقا كذا في فتح القدير وقيدنا الاختلاف بين الشيئين من حيث القيمة لإفادة أنه لا يشترط الاختلاف جنسا فيدخل تحته ما إذا نكحها على هذا العبد أو هذا العبد أو على هذا الألف أو الألفين. وأشار المصنف باقتصاره على كلمة أو بدون تخيير إلى أنه لو كان فيه خيار لأحدهما كأن يقول على أنها بالخيار تأخذ أيهما شاءت أو على أني بالخيار أعطيك أيهما شئت فإنه يصح كذلك اتفاقا لانتفاء المنازعة وإلى أنه لو طلقها قبل الدخول فإنه بحكم متعة مثلها؛ لأنها الأصل فيه كمهر المثل قبل الطلاق ونصف الأقل يزيد عليها في العادة فوجب لاعترافه بالزيادة كما صرح به في الهداية وظاهره أن نصف الأقل لو كان أقل من المتعة فالواجب المتعة، وقد صرح به قاضي خان في فتاواه فما في غاية البيان من أن لها نصف الأقل اتفاقا ليس على إطلاقه وأشرنا إلى أنه لا فرق بين كلمة أو لفظ أحدهما فلو قال تزوجتك على أحد هذين فالحكم كذلك كما صرح به في المحيط، ولذا ذكر في الجامع الكبير أن من تزوج امرأة على أحد مهرين مختلفين يقضى بمهر المثل عنده إلى آخره وقيد بالنكاح؛ لأن في الخلع على أحد شيئين مختلفين أو الإعتاق عليه يجب الأقل اتفاقا وهو حجتهما في مسألتنا وفرق الإمام بأنه ليس له موجب أصلي يصار إليه عند فساد التسمية فوجب الأقل كذا في الهداية وشروحهما وفي فتاوى قاضي خان ولو كان هذا في الخلع تعطيه أيهما شاءت المرأة وهو قول أبي حنيفة ا هـ. وهو مخالف للأول؛ لأنه قد يكون لها غرض في إمساك الأقل قيمة فتدفع الأعلى وهي تريد خلافه وإن كان الغالب أنها تدفع الأقل، وكذا في الإقرار بأحد شيئين كألف أو ألفين فالواجب الأقل اتفاقا لما ذكرناه. (قوله: وعلى فرس أو حمار يجب الوسط أو قيمته) أي لو نكحها على فرس أو نكحها على حمار وحاصله أنه سمى جنس الحيوان دون نوعه كذا في التبيين وفي الهداية معنى المسألة أن يسمي جنس الحيوان دون الوصف وفي الولوالجية الحاصل أن جهالة الجنس والقدر مانعة وجهالة النوع والوصف لا ا هـ. وإنما صحت التسمية مع هذه الجهالة؛ لأن النكاح معاوضة مال بغير مال فجعلنا التزام المال ابتداء حتى لا يفسد بأصل الجهالة كالدية والأقارير وشرطنا أن يكون المسمى مالا وسطه معلوم رعاية للجانبين وذلك عند إعلام الجنس؛ لأنه يشتمل على الجيد والرديء والوسط ذو حظ منهما بخلاف جهالة الجنس؛ لأنه واسطة لاختلاف معاني الأجناس وبخلاف البيع؛ لأن مبناه على المضايقة والمماكسة أما النكاح فمبناه على المسامحة، وإنما يتخير الزوج؛ لأن الوسط لا يعرف إلا بالقيمة فصارت أصلا في حق الإيفاء والعبد أصل تسمية فيتخير بينهما، والأوسط من العبيد في زماننا الأدنى التركي والأرفع الهندي كذا في الذخيرة وفي البدائع الجيد عندهم هو الرومي والوسط فتخنق والرديء الهندي، وأما عندنا فالجيد هو التركي والوسط الرومي والرديء الهندي. ا هـ. والأوسط في القاهرة في زماننا العبد الحبشي والأعلى الأبيض والرديء الأسود وتعتبر قيمة الوسط على قدر غلاء السعر والرخص عندهما وهو الصحيح كذا في الذخيرة أي عند أبي يوسف ومحمد، وأما أبو حنيفة فقد قدره بحسب زمنه قيد بكونه لم يضفه إلى نفسه؛ لأنه لو أضافه إلى نفسه كما إذا قال تزوجتك على عبدي أو على ثوبي أو قالت المرأة اختلعت نفسي منك على عبدي ثم أتى بالقيمة لا تجبر على القبول؛ لأن الإضافة إلى نفسه من أسباب التعريف كالإشارة، وهذا بخلافها في الوصية فإن من أوصى لإنسان بعشرة من رقيقه وله رقيق فهلكوا واستفاد رقيقا آخر لا تبطل الوصية ولو التحقت الإضافة بالإشارة لبطلت الوصية كما لو أشار إلى الرقيق فهلكوا فإنها تبطل؛ لأن الإضافة بمنزلة الإشارة من وجه من حيث إن كل واحدة وضعت للتعريف إلا أنها بمنزلة الإطلاق من وجه من حيث إنها لا تقطع الشركة من كل وجه والعمل بالشبهين متعذر في جميع العقود فعملنا بشبه الإشارة في الأمان والنكاح والخلع وبشبه الإطلاق في الوصية عملا بهما بقدر الإمكان كذا في الذخيرة وبهذا علم أنه لا يسوى بين المشار إليه وبين المضاف هنا من كل وجه؛ لأن المشار إليه ليس فيه شركة أصلا فلذا تملكه المرأة بمجرد القبول إن كان ملكا للزوج وأما في المضاف فلا تملكه المرأة بمجرد القبول حتى يعينه الزوج فما في فتح القدير من التسوية بينهما في هذا الحكم غير صحيح ويشكل على ما في الذخيرة ما في الخانية لو قال أتزوجك على ناقة من إبلي هذه قال أبو حنيفة لها مهر مثلها وقال أبو يوسف يعطيها ناقة من إبله ما شاء ا هـ. فإن الناقة كالعبد فينبغي أن تصح التسمية كما لا يخفى وذكر في البدائع الجمل مع العبد وأنه تصح تسميته ولا فرق بين الجمل والناقة إلا أن يقال إنها مجهولة ولا يمكن إيجاب الوسط مع التقييد بقوله من إبلي هذه فالمفسد للتسمية قوله من إبلي لا مطلق ذكر الناقة ويدل عليه ما في المعراج أنه لو تزوجها على ناقة من هذه الإبل وجب مهر المثل فالإشارة والإضافة فيه سواء وإن لم يكن المشار إليه في ملكه فلها المطالبة بشرائه فإن عجز عن شرائه لزمه قيمته وحاصله أن العرض المعين والمثلي كذلك تملكه المرأة قبل القبض لتعينه إلا النقدين فلا تملكه إلا بالقبض، وكذا غير المعين من الأولين ومن أحكام العرض المهر أنه لا يثبت فيه خيار رؤية؛ لأن فائدته فسخ العقد بالرد وهو لا يقبله، وأما خيار العيب فإن كان العيب يسيرا فلا ترده به وإن كان فاحشا فلها رده هكذا أطلقه كثير واستثني في فتاوى قاضي خان المكيل والموزون فإنها ترده باليسير والفاحش وفي المبسوط كل عيب ينقص من المالية مقدار ما لا يدخل تحت تقويم المقومين في الأسواق فهو فاحش وإن كان ينقص بقدر ما يدخل بين تقويم المتقومين فهو يسير. ا هـ. وقيد المصنف بالفرس ونحوه؛ لأنه لو تزوجها على قيمة هذا الفرس أو على قيمة هذا العبد وجب مهر المثل؛ لأنه سمى مجهول الجنس كذا في الخانية ففرق بين القيمة ابتداء وبقاء؛ لأنه يتسامح في البقاء ما لا يتسامح في الابتداء. وأشار المصنف إلى أنه لو تزوجها على أربعمائة دينار على أن يعطيها بكل مائة خادما فإنه يجوز الشرط ولها أربع من الخدم الأوساط كما في الخانية بالأولى وإن عين الخدم في هذه المسألة فهو صحيح كما في الخانية بالأولى. (قوله: وعلى ثوب أو خمر أو خنزير أو على هذا الخل فإذا هو خمر أو على هذا العبد فإذا هو حر يجب مهر المثل) بيان لثلاث مسائل الحكم فيها واحد وهو وجوب مهر المثل لفساد التسمية الأولى إذا كان المسمى مجهول الجنس كالثوب؛ لأن الأثواب أجناس شتى كالحيوان والدابة فليس البعض أولى من البعض بالإرادة فصارت الجهالة فاحشة، وقد فسر في غاية البيان الجنس بالنوع ولا حاجة إليه؛ لأن الجنس عند الفقهاء هو المقول على كثيرين مختلفين بالأحكام كإنسان والنوع هو المقول على كثيرين متفقين بالأحكام كرجل ولا شك أن الثوب تحته - الكتان والقطن والحرير والأحكام مختلفة فإن الثوب الحرير لا يحل لبسه وغيره يحل فهو جنس عندهم، وكذا الحيوان تحته الفرس والحمار وغيرهما، وأما الدار فتحتها ما يختلف اختلافا فاحشا بالبلدان والمحال والسعة والضيق وكثرة المرافق وقلتها فتكون هذه الجهالة أفحش من جهالة مهر المثل فمهر المثل أولى وهو الضابط هنا سواء كان مجهول الجنس أو مجهول النوع وأما البيت فذكروا أن تسميته صحيحة كفرس وحمار، وقد بحث فيه المحقق ابن الهمام بأنه في عرفنا ليس خاصا بما يبات فيه بل يقال لمجموع المنزل والدار فينبغي أن يجب بتسميته مهر المثل كالدار وذكر في البدائع أنه لو تزوجها على بيت فلها بيت وسط مما يجهز به النساء وهو بيت الثوب لا البيت المبني فينصرف إلى فراش البيت في أهل الأمصار وفي أهل البادية إلى بيت الشعر ا هـ. وبه اندفع ما بحثه ابن الهمام؛ لأنهم ما أرادوا به المبني وفي معراج الدراية وفي عرفنا يراد بالبيت المبني الذي من المدر يبات فيه فلا يصلح مهرا إذا لم يكن معينا ا هـ. قيد بالثوب من غير بيان نوعه؛ لأنه لو زاد عليه، فقال هروي أو مروي صحت التسمية ويجب الوسط أو قيمته يخير الزوج كما قدمناه، وكذا إذا بالغ في وصف الثوب في ظاهر الرواية؛ لأنها ليست من ذوات الأمثال بدليل أنه لو استهلكها لا يضمن المثل قال محمد وأصل هذا أن كل ما جاز السلم فيه فلها أن لا تأخذ إلا المسمى وما لم يجز فيه السلم كان للزوج أن يعطيها القيمة والسلم في الثياب جائز إذا كانت مؤجلة ولا يجوز بدون الأجل فله أن يعطيها القيمة إلا في المكيل والموزون لها أن لا تأخذ القيمة وإن لم تكن مؤجلة؛ لأن المكيل والموزون يصلح مهرا وثمنا من غير ذكر الأجل أما الثوب الموصوف وإن صلح مهرا إلا أن الثوب يتعين بالتعين فكان بمنزلة العبد ومن تزوج امرأة على عبد بغير عينه كان له أن يعطي القيمة كذا في الخانية فالحاصل أن المكيل والموزون غير النقد إذا سمي جنسه وصفته صار كالمشار إليه العرض وإن لم يسم صفته فهو كالفرس والحمار وفي الخانية لو تزوجها على عشرة دراهم وثوب ولم يصفه كان لها عشرة دراهم ولو طلقها قبل الدخول بها كان لها خمسة دراهم إلا أن تكون متعتها أكثر من ذلك. ا هـ. وبهذا علم أن وجوب مهر المثل فيما إذا سمي مجهول الجنس إنما هو فيما إذا لم يكن معه مسمى معلوم لكن ينبغي على هذا أن لا ينظر إلى المتعة أصلا؛ لأن المسمى هنا عشرة فقط وذكر الثوب لغو بدليل أنه لم يكمل لها مهر المثل قبل الطلاق وفي الظهيرية لو تزوجها على دراهم كان لها مهر المثل ولا يشبه هذا الخلع ا هـ. وبهذا علم أن جهالة القدر كجهالة الجنس وفي الخانية لو تزوجها على أقل من ألف درهم ومهر مثلها ألفان كان لها ألف درهم؛ لأن النقصان عن الألف لم يصح لمكان الجهالة فصار كأنه تزوجها على ألف وإن كان مهر مثلها أقل من عشرة قال محمد لها عشرة دراهم ا هـ. وفي البدائع لو تزوجها على بيت وخادم ووصف الوسط من كل واحد منهما ثم صالحت من ذلك زوجها على أقل من قيمة الوسط ستين دينارا أو سبعين دينارا جاز الصلح؛ لأنه إسقاط للبعض ويجوز ذلك بالنقد والنسيئة فإن صالحته على أكثر من قيمة الوسط فالفضل باطل لكون القيمة واجبة بالعقد. المسألة الثانية تسمية المحرم كما إذا تزوج مسلم مسلمة على خمر أو خنزير فإنه يبطل التسمية؛ لأنه ليس بمال في حق المسلم كما في الهداية أو مال غير متقوم كما في البدائع فوجب مهر المثل وأشار إلى عدم صحتها على الميتة والدم بالأولى؛ لأنه ليس بمال عند أحد أصلا وقيد في الهداية بأن يكون الزوج مسلما وقيد في البدائع بإسلامهما. والظاهر الأول؛ لأنه لو تزوج مسلم ذمية على خمر لم تصح التسمية؛ لأنه لا يمكن إيجابها على المسلم وقيد بكون المسمى هو المحرم فقط؛ لأنه لو سمى لها عشرة دراهم ورطلا من خمر فلها المسمى ولا يكمل مهر المثل كذا في المحيط. وأشار المصنف إلى صحة النكاح؛ لأن شرط قبول الخمر شرط فاسد فيصح النكاح ويلغو الشرط بخلاف البيع؛ لأنه يبطل بالشروط الفاسدة. المسألة الثالثة أن يسمي ما يصلح مهرا ويشير إلى ما لا يصلح مهرا كما إذا تزوجها على هذا العبد فإذا هو حر أو على هذه الشاة الذكية فإذا هي ميتة أو على هذا الدن الخل فإذا هو خمر فالتسمية فاسدة في جميع ذلك ولها مهر المثل في قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف تصح التسمية في الكل وعليه في الحر قيمة الحر لو كان عبدا وفي الشاة قيمة الشاة لو كانت ذكية وفي الخمر مثل ذلك الدن من خل وسط ومحمد فرق فوافق الإمام في الحر والميتة وأبا يوسف في الخمر والتحقيق أنه لا خلاف بينهم وأن المعتبر المشار إليه إن كان المسمى من جنسه وإن كان من خلاف جنسه فالمسمى قال المصنف في الكافي إن هذه المسائل مبنية على أصل وهو أن الإشارة والتسمية إذا اجتمعتا والمشار إليه من خلاف جنس المسمى فالعبرة للتسمية؛ لأنها تعرف الماهية والإشارة تعرف الصورة فكان اعتبار التسمية أولى؛ لأن المعاني أحق بالاعتبار وإن كان المشار إليه من جنس المسمى إلا أنهما اختلفا وصفا فالعبرة للإشارة والشأن في التخريج على هذا الأصل فأبو يوسف يقول الحر مع العبد والخل مع الخمر جنسان مختلفان في حق الصداق؛ لأن أحدهما مال متقوم يصلح صداقا والآخر لا فالحكم حينئذ للمسمى وكأن الإشارة تبين وصفه ومحمد يقول العبد مع الحر جنس واحد إذ معنى الذات لا يفترق وأما الخل مع الخمر فجنسان وأبو حنيفة يقول لا تأخذ الذاتان حكم الجنسين إلا بتبدل الصورة والمعنى؛ لأن كل موجود من الحوادث موجود بهما وصورة الخل والخمر والحر والعبد واحدة فاتحد الجنس فالعبرة للإشارة والمشار إليه غير صالح فوجب مهر المثل. ا هـ. وارتضاه في فتح القدير وقال وغاية الأمر أن يكون مسمى الخمر خلا والحر عبدا تجوزا وذلك لا يمنع تعلق الحكم بالمراد كما لو قال لامرأته هذه الكلبة طالق ولعبده هذا الحمار حر تطلق ويعتق فظهر أن لا اختلاف بينهم في الأصل بل في اختلاف الجنس واتحاده فلزم إنما ذكره في بعض شروح الفقه من أن الجنس عند الفقهاء المقول على كثيرين مختلفين بالأحكام إنما هو على قول أبي يوسف وعند محمد المختلفين بالمقاصد وعلى قول أبي حنيفة هو المقول على متحدي الصورة والمعنى ثم لا يخفى أن اللائق كون الجواب على قول أبي يوسف وجوب القيمة أو عبد وسط؛ لأن إلغاء الإشارة واعتبار المسمى يوجب كون الحاصل أنه تزوجها على عبد وحكمه ما قلنا. ا هـ. وفي الأسرار أن أبا يوسف ومحمدا اعتبرا المعنى وأبو حنيفة اعتبر الصورة وآل الأمر إلى أن الذات الواحدة تلحق بجنسين إذا اختلفت صورة ومعنى والذاتان قد يلحقان بجنس واحد إذا اتفقا صورة ومعنى فلا ينسب غيران إلى واحد إلا باتحاد الصورة والمعنى ولا الواحد إلى الغيرين إلا باختلاف الصورة والمعنى وكلامنا في ذات واحدة؛ لأن الوصفين اللذين اختلفا فيهما يتعاقبان على ذات واحدة على ما بيناه ولا ينسب الواحد إلى غيرين مختلفين إلا باختلاف الصورة والمعنى ولم يوجد اختلاف الصورة ا هـ. وقوله في فتح القدير أن اللائق إلى آخره ممنوع؛ لأن أبا يوسف ما ألغى الإشارة بالكلية، وإنما ألغاها من وجه دون وجه كما ذكره الزيلعي والدليل عليه - ما في الأسرار أنه في العبد المطلق إذا أتى به إليها تجبر على القبول كما لو أتاها بالقيمة وفي هذه المسألة لو أتاها بعبد وسط لا تجبر عند أبي يوسف. ا هـ. وفي البدائع ما يقتضي أن هذه التسمية لا تكون من قبيل المجاز فإنه قال وحقيقة الفقه لأبي حنيفة أن هذا حر سمي عبدا وتسمية الحر عبدا باطل؛ لأنه كذب فالتحقت التسمية بالعدم وبقيت الإشارة والمشار إليه لا يصلح مهرا ا هـ. وذكر في فتح القدير أيضا من البيوع أن الجنس عند الفقهاء ليس إلا المقول على كثيرين لا يتفاوت الغرض منها فاحشا فالجنسان ما يتفاوت منها فاحشا من غير اعتبار للذات ا هـ. وقال في باب الربا إن اختلاف الجنس يعرف باختلاف الاسم والمقصود فالحنطة جنس والشعير جنس آخر، وأما اعتراضه على ما في بعض الشروح ففيه نظر أيضا في بحث الخاص فإنهم جعلوا إنسانا من قبيل خصوص الجنس؛ لأنه مقول على كثيرين مختلفين بالأحكام كالذكر والأنثى وجعلوا رجلا من قبيل خصوص النوع وأنه المقول على كثيرين متفقين في الأحكام فأورد عليه الحر والعبد والعاقل والمجنون فإنهم داخلون تحت رجل وأحكامهم مختلفة فأجابوا بأن اختلاف الأحكام بالعرض لا بالأصالة بخلاف الذكر والأنثى فإن اختلاف أحكامهما بالأصالة فقوله إن الحر والعبد جنس واحد معناه أنهما داخلان تحت شيء واحد وهو رجل وكذا الخل والخمر داخلان تحت ماء العصير فرجل بالنسبة إلى الحر والعبد جنس لهما وإن كان نوعا لإنسان والحر مثلا نوع بالنسبة إلى زيد وعمرو مثلا وقول أبي يوسف إن الحر والعبد جنسان ليس معناه الجنس المصطلح عليه، وإنما أبو يوسف نظر إلى أن لفظ حر تحته أشخاص هي زيد وعمرو وبكر وغيرها ولفظ عبد كذلك فجعلهما جنسين بهذا الاعتبار. والحاصل أن أبا حنيفة حكم باتحاد الجنس فيهما نظرا إلى دخولهما تحت شيء وهو رجل وأبو يوسف حكم بالاختلاف نظرا إلى أن كلا منهما مقول على أشخاص كثيرة فلم يريدوا الجنس المصطلح عليه؛ لأنهم لو أرادوه لم يصح كلامهم؛ لأن كلا من الحر والعبد ليسا جنسا، وإنما هو نوع النوع وهو رجل، وأما قوله إن اللائق على قول أبي يوسف إلى آخره فهو ما نقله القدوري عن أبي يوسف كما ذكره في الذخيرة فتجده موافقا لإحدى الروايتين عنه أما على رواية الأصل فأجاب عنه الزيلعي بقوله، وإنما لم تجب قيمة عبد وسط لاعتباره الإشارة من وجه ا هـ. وقيد المصنف بكون المشار إليه حرا؛ لأنه لو كان تزوجها على هذا العبد فإذا هو مدبر أو مكاتب أو أم ولد والمرأة تعلم بحال العبد أو لم تعلم كان لها قيمة العبد كذا في الخانية مع أن المشار إليه لا يصلح مهرا لكن لما لم يخرج عن المالية بالكلية صحت التسمية واعتبر المسمى وفيها أيضا لو سمي خلا وأشار إلى طلا فلها مثل الدن من الخل وكأنه لما ذكرناه والطلا المثلث كما في المغرب وقيد بكون المسمى حلالا والمشار إليه حراما إذ لو كان على عكسه كما إذا تزوجها على هذا الحر فإذا هو عبد فإن لها العبد المشار إليه في الأصح كما في المجمع والخانية والبدائع؛ لأنه عند اتحاد الجنس العبرة للمشار إليه وهو مال متقوم ومحمد أوجب مهر المثل؛ لأنه صار كالهازل بالتسمية وقيد بكون المشار إليه حراما؛ لأنهما لو كانا حلالين وهما مختلفان كما إذا تزوجها على هذا الدن من الخل فإذا هو زيت قال في الذخيرة إن لها مثل ذلك الدن خلا؛ لأنها أموال بخلاف ما تقدم ولو تزوجها على هذا العبد فإذا هي جارية أو على هذا الثوب المروي فإذا هو قوهي فإن عليه عبدا بقيمة الجارية وثوبا مرويا بقيمة القوهي لما ذكرناه ا هـ. وفي الخانية إذا كانا حلالين فلها مثل ذلك المسمى وهو يقتضي وجوب عبد وسط أو قيمته ولا ينظر إلى قيمة الجارية فصار الحاصل إن القسمة رباعية؛ لأنهما إما أن يكونا حرامين أو حلالين أو أحدهما حراما والآخر حلالا فيجب مهر المثل فيما إذا كانا حرامين أو المشار إليه حراما وتصح التسمية في الآخرين ومسألة ما إذا كانا حرامين مذكورة في الخانية أيضا لو تزوجها على هذا الزق السمن فإذا لا شيء فيه كان لها مثل ذلك الزق سمنا إن كان يساوي عشرة وإن تزوجها على ما في الزق من السمن فإذا لا شيء فيه كان لها مهر المثل، وكذا لو كان في الزق شيء آخر خلاف الجنس ولو قال تزوجتك على الشاة التي في هذا البيت فإذا في البيت خنزير أو ليس فيه شيء كان لها شاة وسط وتبطل الإشارة ا هـ. وكأن الفرق بين مسألتي الزق أن في المسألة الأولى لم يجعل المسمى ما فيه، وإنما جعله قدر ما يملأ الظرف المشار إليه وفي الثانية جعل المسمى السمن الذي هو فيه وليس فيه شيء فصار كأنه لم يسم شيئا فوجب مهر المثل وأما مسألة الشاة التي في هذا البيت فليست من قبيل ما اجتمع فيه الإشارة والتسمية، وإنما حاصلها أنه سمى شاة ووصفها بوصف وهو كونها في بيت خاص فإذا لم توجد في البيت بطل الوصف وبقي الموصوف وهو مطلق الشاة فوجب شاة وسط أو نقول اجتمع الإشارة والتسمية والجنس مختلف لتبدل الصورة والمعنى فيتعلق العقد بالمسمى وهو مال وفي البدائع لو تزوجها على هذا الدن الخمر وقيمة الظرف عشرة دراهم فصاعدا ففيه روايتان عن محمد في رواية لها الدن لا غير؛ لأن المسمى شيئان الخمر والظرف فيلغو تسمية الخمر وبقي الظرف كما لو تزوجها على خل وخمر فلها الخل لا غير، وفي رواية لها مهر المثل؛ لأن الظرف لا يقصد بالعقد عادة فإذا بطلت في المقصود بطلت في التبع. ا هـ. وأشار المصنف بوجوب مهر المثل عينا إلى أن المشار إليه لو كان حرا حربيا فاسترق وملكه هذا الزوج فإنه لا يلزمه تسليمه ونقل في الأسرار أنه متفق عليه، وكذلك الخمر بعينها لو تخللت لم يجب تسليمها، وإنما عليه تسليم مثلها خلافي قولهما؛ لأن المشار إليه لم يكن مالا حين سمي ففسدت التسمية في حق ما ليس بمال فلا يستحق تسليمه بالتسمية تبعا لوصفه. ا هـ. (قوله: وإذا أمهر عبدين وأحدهما حر فمهرها العبد) يعني عند أبي حنيفة إذا ساوى عشرة دراهم وإلا كمل لها العشرة؛ لأنه مسمى ووجوب المسمى وإن قل يمنع وجوب مهر المثل وقال أبو يوسف لها العبد وقيمة الحر لو كان عبدا؛ لأنه أطمعها سلامة العبدين وعجز عن تسليم أحدهما فتجب قيمته وقال محمد وهو رواية عن أبي حنيفة لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر من العبد؛ لأنهما لو كانا حرين يجب تمام مهر المثل عنده فإذا كان أحدهما عبدا يجب العبد وتمام مهر المثل والاختلاف هنا فرع على قولهم السابق والفرق لأبي حنيفة بين هذا وبين ما إذا سمى لها وشرط معه منفعة ولم يوف حيث يجب مهر المثل؛ لأنها إنما رضيت بالمسمى على تقدير حصول المنفعة فعند عدم الوفاء بها لم تكن راضية بالمسمى أصلا، وأما هنا فقد رضيت بكل واحد من العبدين ثم لما ظهر أحدهما حرا لم يجب مهر المثل؛ لأن وجوب المسمى في أحدهما لوجود رضاها فيه منع ذلك كذا في غاية البيان وقد يقال إنها إنما رضيت بكل واحد على أنه بعض المهر لا كله فإذا ظهر أنه كل المهر لم تكن راضية به فينبغي وجوب مهر المثل، وقد يجاب عنه كما في فتح القدير بأنها هنا مقصرة في الفحص عن حال المسميين فإنه مما يعلم بالفحص بخلاف تلك المسائل؛ لأن عدم الإخراج وطلاق الضرة إنما يعلم بعد ذلك فكانت هنا ملتزمة للضرر معنى لسوء ظنها وأراد المصنف بالعبدين الشيئين الحلالين وأراد بالحر أن يكون أحدهما حراما فدخل فيه ما إذا تزوجها على هذا العبد، وهذا البيت فإذا العبد حر أو على مذبوحتين فإذا أحدهما ميتة كما في شرح الطحاوي وقيد بأن يكون أحدهما حرا إذ لو استحق أحدهما فلها الباقي وقيمة المستحق ولو استحقا جميعا فلها قيمتهما، وهذا بالإجماع كذا في شرح الطحاوي بخلاف ما إذا استحق نصف الدار الممهورة وأن لها الخيار إن شاءت أخذت الباقي ونصف القيمة وإن شاءت أخذت كل القيمة فإذا طلقها قبل الدخول بها فليس لها إلا النصف الباقي ولو تزوج امرأة على أبيها عتق فإن استحق الأب ثم ملكه الزوج قبل القضاء بالقيمة لها لم يكن لها إلا الأب ولو ملكه الزوج بعد القضاء بالقيمة لها فليس لها أن تأخذ الأب لبطلان حقها من العين إلى القيمة بالقضاء وإذا ملكه الزوج في الفصل الأول لا تملكه المرأة إلا بالقضاء أو بتسليم الزوج إليها ويجوز تصرف الزوج فيه قبل القضاء للمرأة أو التسليم إليها كذا في الظهيرية وللاحتراز عما إذا وجدت المسمى أزيد أو أنقص قال في الظهيرية والمحيط لو تزوجها على هذه الأثواب العشرة فإذا هي أحد عشر قال محمد يعطيها عشرة منها أيها شاء وقال أبو حنيفة إن كان مهر مثلها مثل أجود العشرة أو زيادة فلها أجود العشرة وهو الأصح وعليه الفتوى ولو وجدت الثياب تسعة قال محمد لها تسعة وتمام مهر مثلها إن كان أكثر من قيمة التسعة وقال أبو حنيفة لها التسعة لا غير، وهو بمنزلة ما لو تزوج امرأة على هذين العبدين فإذا أحدهما حر ولو تزوجها على هذه الأثواب العشرة الهروية فإذا هي تسعة فلها تسعة وثوب آخر هروي وسط بالإجماع والفرق أن في الأولى ذكر الثياب مطلقة والثوب المطلق مما لا يجب مهرا إذا لم يكن مشارا إليه والثوب العاشر لم يكن مشارا إليه فلا يجب وفي الثانية ذكر الثياب موصوفة بكونها هروية والثوب الهروي يصلح مهرا وإن لم يكن معينا ا هـ. وقد بسطه في فتح القدير. (قوله: وفي النكاح الفاسد إنما يجب مهر المثل بالوطء)؛ لأن المهر فيه لا يجب بمجرد العقد لفساده، وإنما يجب باستيفاء منافع البضع، وكذا بعد الخلوة؛ لأن الخلوة فيه لا يثبت بها التمكن فهي غير صحيحة كالخلوة بالحائض فلا تقام مقام الوطء، وهذا معنى قول المشايخ الخلوة الصحيحة في النكاح الفاسد كالخلوة الفاسدة في النكاح الصحيح كذا في الجوهرة وفيه مسامحة لفساد الخلوة والمراد بالنكاح الفاسد النكاح الذي لم تجتمع شرائطه كتزوج الأختين معا والنكاح بغير شهود ونكاح الأخت في عدة الأخت ونكاح المعتدة والخامسة في عدة الرابعة والأمة على الحرة ويجب على القاضي التفريق بينهما كي لا يلزم ارتكاب المحظور واغترارا بصورة العقد كما في غاية البيان وذكر في المحيط من باب نكاح الكافر ولو تزوج ذمي مسلمة فرق بينهما؛ لأنه وقع فاسدا. ا هـ. فظاهره أنهما لا يحدان وأن النسب يثبت فيه والعدة إن دخل بها، وإنما وجب المهر في الفاسد بالوطء عملا بحديث السنن «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» ثلاث مرات فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فصار أصلا للمهر في كل نكاح فاسد بعد حملنا له على الصغيرة والأمة كما قدمناه وفي الظهيرية باع جارية بيعا فاسدا وقبضها المشتري ثم تزوجها البائع لم يجز ا هـ. ولو وطئها الظاهر أن لا مهر عليه فإن المشتري لو وطئ الجارية المبيعة فاسدا يجب المهر عليه في أصح الروايتين كما في الظهيرية، وأشار بمهر المثل إلى أن المسمى فيه ليس بمعتبر من كل وجه، ولذا قال في الظهيرية ولو تزوج امرأة على خادم بعينها نكاحا فاسدا ودفع الخادم إليها فأعتقها قبل الدخول فالعتق باطل وإن أعتقها بعد الدخول فالعتق جائز ا هـ. وهكذا في الخانية وظاهره أنه لو لم يدفعها إليها فالعتق باطل مطلقا وهو الظاهر؛ لأنه بالدفع تعين لمهر المثل في المدفوع وحكم الدخول في النكاح الموقوف كالدخول في الفاسد فيسقط الحد ويثبت النسب ويجب الأقل من المسمى ومن مهر المثل وما في الاختيار من كتاب العدة أنه لا تجب العدة في النكاح الموقوف قبل الإجازة؛ لأن النسب لا يثبت فيه غير صحيح لما ذكرناه وذكره الشارح الزيلعي في شرح قوله ويثبت النسب والعدة وأفاد المصنف بإطلاقه أنه لا يجب بالجماع فيه ولو تكرر إلا مهر واحد ولا يتكرر المهر بتكرر الوطء والأصل فيه أن الوطء متى حصل عقيب شبهة الملك مرارا لم يجب إلا مهر واحد؛ لأن الوطء الثاني صادف ملكه كالوطء في النكاح الفاسد وكما لو وطئ جارية ابنه أو جارية مكاتبه أو وطئ منكوحته ثم بان أنه حلف بطلاقها أو وطئ جارية ثم استحقت ومتى حصل الوطء عقيب شبهة الاشتباه مرارا فإنه يجب بكل وطء مهر على حدة؛ لأن كل وطء صادف ملك الغير كوطء الابن جارية أبيه أو أمه أو جارية امرأته مرارا، وقد ادعى الشبهة فعليه لكل وطء مهر ومنه وطء الجارية المشتركة مرارا فعليه بكل وطء نصف مهر ولو وطئ مكاتبة بينه وبين غيره فعليه في نصفه نصف مهر واحد وعليه في نصف شريكه بكل وطء نصف مهر وذلك كله للمكاتبة الكل في الظهيرية وفي الخلاصة لو وطئ المعتدة عن طلاق ثلاث وادعى الشبهة يلزمه مهر واحد أم بكل وطء مهر قيل إن كانت الطلقات الثلاث جملة فظن أنها لم تقع فهو ظن في موضعه فيلزمه مهر واحد وإن ظن أنها تقع لكن ظن أن وطأها حلال فهو ظن في غير موضعه فيلزمه بكل وطء مهر ا هـ. وأطلقه فشمل البالغ والصبي لكن في الظهيرية و المحيط عن محمد صبي جامع امرأة بشبهة نكاح فلا مهر عليه قال في المحيط؛ لأن الولي لا يملك النكاح الفاسد في حقه ولا الإذن له فيه فسقط اعتبار قوله فصار كأنه وطء في حق نفسه من غير شبهة عقد وتجب العدة عليها؛ لأن فعلها جائز في حق نفسها وذكر قبله لو جامع مجنون أو صبي امرأة نائمة إن كانت ثيبا فلا مهر عليه وإن كانت بكرا وافتضها فعليه المهر. ا هـ. وينبغي أن يلزمه المهر في الحالين حيث كانت نائمة؛ لأنه مؤاخذة بأفعاله ولا يسقط حقها إلا بالتمكين ولم يوجد ا هـ. وأراد بالوطء الجماع في القبل؛ لأنه لو وطئها في الدبر في النكاح الفاسد لا يلزمه شيء من المهر؛ لأنه ليس بمحل النسل كما في الخلاصة والقنية فلا يجب بالمس والتقبيل بشهوة شيء بالأولى كما صرحوا به أيضا وأفاد بالتقييد بالوطء أن النكاح الفاسد لا حكم له قبل الدخول حتى لو تزوج امرأة نكاحا فاسدا بأن مس أمها بشهوة فتزوجها ثم تركها له أن يتزوج الأم كذا في الخلاصة وفي البزازية والخلع في النكاح الفاسد لا يسقط المهر؛ لأنه ليس بخلع ا هـ. ومفهومه أنه لا يجب البدل عليها لو شرط بالأولى وإذا ادعت فساده وهو صحته فالقول له وعلى عكسه فرق بينهما وعليها العدة ولها نصف المهر إن لم يدخل والكل إن دخل كذا في الخانية وينبغي أن يستثنى منه ما ذكره الحاكم الشهيد في الكافي من أنه لو ادعى أحدهما أن النكاح كان في صغره فالقول قوله ولا نكاح بينهما ولا مهر لها إن لم يكن دخل بها قبل الإدراك وفي فتح القدير لا يصير محصنا بهذا الدخول وأجمعت الأمة أنه لا يكون محصنا في العقد الصحيح إلا بالدخول. وفي الخلاصة التصرفات الفاسدة عشرة: النكاح الفاسد، وقد علمت حكمه. الثاني البيع الفاسد مضمون فيه المبيع. الثالث الإجارة الفاسدة والواجب أجر المثل والعين أمانة في يد المستأجر. الرابع الرهن الفاسد وهو رهن المشاع وللراهن نقضه ولو هلك في يد المرتهن هلك أمانة عند الكرخي وفي الجامع الكبير ما يدل على أنه كالرهن الجائز. الخامس الصلح الفاسد لكل نقضه. السادس القرض الفاسد وهو بالحيوان أو ما كان متفاوتا ومع هذا لو استقرض وباع صح البيع. السابع الهبة الفاسدة وأنها مضمونة بالقيمة يوم القبض ولا تفيد الملك. الثامن المضاربة الفاسدة والمال أمانة في يد المضارب. التاسع الكتابة الفاسدة والواجب فيها الأكثر من المسمى ومن القيمة. والعاشر المزارعة الفاسدة والخارج منها لصاحب البذر وعليه مثل أجرة العامل إن كانت الأرض لرب البذر ويطيب له وإن كان البذر من العامل فعليه أجرة مثل الأرض والخارج له ا هـ. (قوله: ولم يزد على المسمى) أي لم يزد مهر المثل على المسمى؛ لأنها لم تسم الزيادة فكانت راضية للحط مسقطة حقها في الزيادة إلى تمامه حيث لم تسم تمامه لا لأجل أن التسمية صحيحة من وجه؛ لأن الحق أنها فاسدة من كل وجه لوقوعها في عقد فاسد ولهذا لو كان مهر المثل أقل من المسمى وجب مهر المثل فقط وفي الظهيرية ولو زوج أحد الموليين أمته ودخل بها الزوج فللآخر النقض فإن نقض فله نصف مهر المثل وللمزوج الأقل من نصف مهر المثل ومن نصف المسمى ا هـ. فعلى هذا يعطى هذا العقد حكم الفاسد بالنسبة إلى المزوج وحكم العدم بالنسبة إلى غيره. وأشار إلى أن المسمى معلوم، ولذا لا يزاد عليه فلو كان المسمى مجهولا وجب مهر المثل بالغا ما بلغ اتفاقا كما إذا لم يكن فيه تسمية أصلا وظاهر كلامهم أن مهر المثل لو كان أقل من العشرة فليس لها إلا مهر المثل بخلاف النكاح الصحيح إذا وجب فيه مهر المثل فإنه لا ينقص عن عشرة وفي الخانية لو تزوج محرمه لا حد عليه في قول أبي حنيفة وعليه مهر مثلها بالغا ما بلغ ا هـ. فإن كان النكاح باطلا فظاهر وإن كان فاسدا فهي مستثناة، وقد نقل الاختلاف في جامع الفصولين، فقيل باطل عنده وسقوط الحد لشبهة الاشتباه، وقيل فاسد وسقوطه لشبهة العقد ا هـ. ولم يذكر للاختلاف ثمرة. (قوله: ويثبت النسب) أي نسب المولود في النكاح الفاسد؛ لأن النسب مما يحتاط في إثباته إحياء للولد فيترتب على الثابت من وجه أطلقه فأفاد أنه يثبت بغير دعوة كما في القنية وتعتبر مدة النسب وهي ستة أشهر من وقت الدخول عند محمد وعليه الفتوى؛ لأن النكاح الفاسد ليس بداع إليه والإقامة باعتباره كذا في الهداية وعند أبي حنيفة وأبي يوسف ابتداء المدة من وقت العقد قياسا على الصحيح والمشايخ أفتوا بقول محمد لبعد قولهما لعدم صحة القياس المذكور وفائدة الاختلاف تظهر فيما إذا أتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولأقل منها من وقت الدخول فإنه لا يثبت نسبه على المفتى به فتقدير مدة النسب بالمدة المذكورة إنما هو للاحتراز عن الأقل لا عن ما زاد عن أكثر مدة الحمل؛ لأنها لو جاءت بالولد لأكثر من سنتين من وقت العقد أو الدخول ولم يفارقها فإنه يثبت نسبه اتفاقا وبهذا اندفع ما في التبيين من أنه لا يمكن اعتبار وقت العقد فقط لما ذكرنا من أن اعتبار وقت العقد أو الدخول إنما هو لنفي الأقل فقط واندفع ما في الغاية من قياس النسب على العدة وأن الأحوط أن يكون ابتداء مدة النسب من وقت التفريق كالعدة لما علمت من المسألة التي يثبت فيها النسب قبل التفريق فكيف يعتبر به واندفع به ما في فتح القدير من أنه يعتبر ابتداؤها من وقت التفريق إذا وقعت فرقة وما لم تقع فمن وقت النكاح أو الدخول على الخلاف؛ لأنه يرد عليه ما إذا أتت به بعد التفريق لأكثر من ستة أشهر من وقت العقد أو الدخول ولأقل منها من وقت التفريق فإنه يثبت نسبه ومقتضى ما في الفتح خلافه والدليل على ما حققناه أنهم جعلوا مدة النسب ستة أشهر في النكاح الصحيح من وقت العقد أيضا وليس هو قطعا إلا للاحتراز عن الأقل لا عن الأكثر فكذلك هنا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
|